محمد الميانى عضو خبير
الجنس : العمر : 48 تاريخ التسجيل : 24/10/2011 عدد المساهمات : 209 الأوسمة :
| موضوع: بشائر الفضل الإلهى فى العقيدة الثلاثاء فبراير 07, 2012 12:34 am | |
| حكم الإستشهاد بالشعر
إن الحاجة ملحة الآن لتطوير الخطاب الدينى بالبعد عن التخويف والوعيد للمؤمنين وترويح النفوس بالبشريات واللطائف وتحبيب العباد فى ربهم والأخذ بأيديهم إليه بالمحبة والمودة لا بجرهم إليه بالتخويف والترهيب والشدة وإنا إذ استشهدنا بالشعر هنا فى غالب البشريات فإنى أنتهزها فرصة فى تلك المقدمة لكى أورد تحليلاً مختصرا عن أن
الإستدلال بالشعر كان معمولا به أيام النبى والصحابة والتابعين بل وكان الشعر سلاحاً تستخدمه الدعوة الإسلامية كما أحب أن أشير إلى أن الغناء فى عصرنا قد انتشر بين الشباب ذكوراً وإناثاً وذهب بعيداً فى تهييج الغرائز وشغل أوقاتهم وقد انتشرت الأجهزة الحديثة وأدوات الإستماع لها ومشاهدتها مصورة وتخزينها واسترجاعها أو مباشرة على النت ورخص ثمن تلك الأجهزة فصارت الأغانى لهم كالماء والهواء ولذا فإننا ننتهز الفرصة لنحبِّب شبابنا فيما يشدُّ مشاعرهم وعواطفهم الجياشة من كريم الشعر والأناشيد الدينية والأخلاقية أو الطيبة والمهذبة والتى تصلح للكثير من المناسبات
ونحن نحاول ما أمكننا أن نبين لهم جمال وسماحة الدين فلا يكون الدين فى نظرهم جافاً منفراً فينصرفون عنه بل هيناً وسهلاً ليناً جذاباً للعقول والقلوب كما جاء به حبيب القلوب
فأقول وبالله التوفيق: ونبدأ من عند من لاينطق عن الهوى من عند الحبيب المصطفى ونبدأ بالسؤال الشهير والذى سألته الصحابة لأم المؤمنين عائشة : هل كان رسول الله يتمثُّل (يستدل) بشىء من الشعر؟ قالت{كَانَ إذا استراث ( استبطأ) الخبر يَتَمَثَّلُ بِشَعْرِ ابنِ رَوَاحَةَ وَيَقُولُ وَيأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مِنَ لَمْ تُزَوِّدِ } [1]وفى رواية: غير أنه كان يتمثل ويجعل أوله آخره فغالباً كان يقول: ويأتيك من لم تزود بالأخبار فيقول له أبو بكر: ليس هكذا يارسول الله فيقول : أنا لستُ بشاعر وقال مرَّة: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهياً فقال الصديق: إنما قال الشاعر كذا فأعاده كالأول فقال الصديق: أشهد أنك رسول الله لقول الله{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ} [2] وورد أنه قال وهو على المنبر{ما تكلمت العرب بكلمة أصدق من هذا: ألا كل شيء ما خلا الله باطل} [3] ولما سئل عن الشعر كما روت السيدة عائشة أيضاً أجاب{الشعْرُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلاَمِ فَحُسْنُهُ كَحُسْنِ الْكَلاَمِ وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِ الْكَلاَمِ} [4]وكان لا يعيب على أصحابه تناشد الشعر كيف ذلك وما الدليل؟ فقد روى عن سيدنا جابر بن سمرة قوله{جالست النبي أكثر من مائة مرة في المسجد يجلس مع أصحابه يتناشدون الشعر وربما تذاكروا أمر الجاهلية فيتبسم النبي معهم} [5] بل وكان يظهر إعجابه إذا سمع ما يرضيه وأحيانا يردِّد شيئاً منه فقد أنشده أعشى بني مازن أبياتاً في ذمِّ قبيح خُلُق النساء آخرها "وهن شرُّ غالب لمن غلب" فجعل يقول[6] "وهن شرُّ غالب لمن غلب" وكان إذا نمى إعجابه بحكمة الشعر وبلاغته فكثيرا ما كان يقول لأصحابه{إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ كَالسحْرِ وَإِنَّ مِنَ الشعْرِ كَالْحِكَمِ }[7]
وأحياناً كان يستنشدهم الشعر فقد روى سيدنا الشريد أنَّه أردفه خلفه ثم استنشده من شعر أمية بن أبي الصلت فلم يزل النبى يقول له:{هيه}أى زدنى حتى أنشده مائة بيت فقال{لقد كاد أن يسلم في شعره}[8] وأيضاً لما أتاه سيدنا العلاء الحضرمى استنشده مما يحفظ من الشعر ثم سأله عمَّا معه من القرآن وكذا فعل مع غير واحد ممن يحسنون الشعر ومنهم الخنساء المشهورة كانت تُنشِد رسول الله شعرَها فيعجبُهُ ويقول{ هِيهِ يا خُناسُ ويومىءُ بيده} [9]دلالة على الإعجاب بشعرها
وهذا لا يخالف ما أجابته السيدة عائشة لما سئلت: هل كان رسول الله يُتَسَامَعُ عِندَهُ الشِّعْرُ؟ قالت{كانَ أَبْغَضَ الحديثِ إِليْه} [10] لأنه كما قال صاحب السيرة الحلبية وكثير من العلماء لأن المراد بالشعر الذي يحبه ما كان مشتملاً على حكمة أو وصف من مكارم الأخلاق والذي يبغضه ما كان مشتملاً على ما فيه هجنة أو هجو ونحوها من المحارم او اللغو فكانوا يؤكدون أن مجالسه لم تكن بمجالس الشعر والشعراء التى اعتادها العرب عند كبرائهم وسادتهم
بل وكان يغيِّر لهم بعض الألفاظ إذا كانت لا تليق مثل ما أنشد أبى بن كعب أمامه فى مسجده فلما قال: "نقاتل عن جذمنا كل قحمة"، فصوَّبه النبى قائلاً{لا تقل نقاتل عن جذمنا ولكن نقاتل عن ديننا} [11] لأنها كلمة فيها عصبية وكان ينصح بالشعر أو التغنى به فى مواضع استحبابه فعندما زفَّت البنت الكبرى لأسعد بن زرارة- وكانت بنات سعد قد تربين فى حجر النبى حتى كبرن- من بيته أمرهن أن يغنين لها "أتيناكم .أتيناكم" وسيأتى ذكر الأغنية وكان أيضاً يعاتب عتابا لطيفا على ترك التغنى بالشعر عند الحاجة إليه كما فى الأفراح للنساء
فذات مرة سأل زوجته السيدة عائشة عن يتيمة كانت عندها فأخبرته أنهم أهدوها إلى زوجها من الأنصار فقال لها{فَهَلْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا جَارِيَةً تَضْرِبُ بالدُّفِّ وتُغَنِّي؟ قالت: تقول ماذا؟ قال: تقُولُ: أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ / فَحَيُّونَا نُحَيِّكُمْ .. لَوْلاَ الذَّهَبُ اَلاحْمَـرُ / مَا حَلَّتْ بِوَادِيْكُمْ .. لَوْلا الحِنْطَةُ السَّمْرَاءُ / مَا سَمِنَتْ عَذَارِيْكُمْ } [12]وفى رواية زاد{ فإن الأنصار قوم فيهم غزلٌ} وكان يأمر من يحسنون الشعر من أصحابه بالرد على من يهجونهم روى عمار بن ياسر أنه قال: لما هجانا المشركون شكونا إلي رسول الله فقال لهم{قولوا لهم كما يقولون لكم} وزاد عمار قائلاً{فإن كنَّا لنعلمه إماءنا بالمدينة } [13]
وكلنا يعرف دور حسان بن ثابت شاعر الرسول فى نصرة دين الله والزود عن رسوله وعن أعراضهم وكان يحثُّه ويشجعه ويقول{أهجهم أنت فسيعينك روح القدس }وكان يقول له أيضاً{إذا حارب أصحابي بالسلاح فحارب أنت باللسان} [14] وسأل سيدنا كعب بن مالك رسول الله: ماذا ترى في الشعر؟ فقال{إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه والذي نفسي بيده لكأنما تنضحونهم بالنبل} [15]وكانوا يأتون إليه فينشدون فى الثناء على الله وفى مدحه كما ورد عن الأسود بن سريع قال: قلت لرسول: إني مدحت الله مدحة ومدحتك قال عليه أفضل الصلاة والسلام{هات وابدأ بمدحة الله عز وجل} [16]
وأما غير النبي من الصحابة والتابعين فكان أكثرهم يتمثلون بالشعر وهذا أمر شائع مشهور والدلائل فيه أكثر من أن تحصى وسنأتى منها بمقتطفات يسيرةكان ابن عباس يحثُّ الناس على تعلم الشعر الجاهلى لقوته وفصاحته ويقول للناس كثيراً وفى مجالس عديدة{إذا سألتم عن شيء من غريب القرآن فالتمسوه في الشعر فإن الشعر ديوان العرب} [17]و يقول أيضاً{الشعر ديوان العرب وأول علومهم}وكان أبو بكر يقول الشعر وكان عالماً به ومما تمثل به وهو على المنبر لما أراد أن يثبت للأنصار أنه يذكر أفضالهم على إخوانهم المهاجرين تمثل قول الغنوى:
جزى اللـه عنا جعفرا حين أزلقت بنا رجلنا في الواطئين وزلت
أبو أن يملُّونا ولو أن أمُّنا تلاقي الذي يلقون منَّا لملَّت
هم أنزلونا في ظلال بيوتهم ظلال بيوت أدفأت وأكنَّت
وأما عمر فقد عرف عنه أنه كان لا ينزل به أمر ألا تمثل فيه بشعر وكثيرا ما كانت أصحابه تنشد أصحابه شعر العظة والحكمة فيسأل من قائله؟وروى عنه [18] أن قوما أتوه وهو أمير للمؤمنين وأخبروه إن إماما لهم شابا إذا صلى لا يقوم من مجلسه حتى يتغنى بقصيدة فقال عمر: فلنذهب إليه فإنا إن دعوناه يظن أنا قد غضضنا أمره فأتوه فقال: بلغني عنك أمر ساءني بلغنى أنك تتغنى قال: فإنها موعظة أعظ بها نفسي قال عمر: قل إن كان كلاما حسنا قلت معك وإن يك قبيحا نهيتك عنه فأنشد الرجل قائلاً:
وفؤادي كلما عاتبته عاد في اللذات يبغي نصبي
لاأراه الدهر إلا لاهيا في تماديه فقد برح بي
يا قرين السوء ماهذا الصبا فني العمر كذا باللعب
وشباب بان مني ومضى قبل أن أقضي منه أربي
ما أرجي بعده إلا الفنا طبق الشيب على مطلبي
ويح نفسي لا أراها أبدا في جميل لا ولا في أدب
نفس لا كنت ولاكان الهوى إتقي الله وخافي وارهبي
فبكى عمر ثم قال هكذا فليغنِّ كل من غنى قال عمر وأنا أقول:
نفس لا كنت ولا كان الهوى رابضي الموت وخافي وارهبي
وكان عمر ينصح الشعراء دائما بعدم التشبيب بالنساء- أى بترك الشعر الذى يهيج الغرائز- و لذا روى ابن عباس عن سيدنا عمر بن الخطاب أنه قال{تعلموا الشعر فإن فيه محاسن تبتغى ومساوى تتقى وحكمة للحكماء ويدل على مكارم الأخلاق}[19]وعائشة ورد عنها التمثل بالشعر كثيرا وذاعت قصتها قالت{كنتُ قاعدةً أَغْزِلُ والنبيُّ يَخْصِفُ نَعْلَهُ فَجَعَلَ جَبِيْنُهُ يعرقُ وَجَعَلَ عَرَقُهُ يتوَّلدُ نوراً فَبُهِتُّ فَنَظَرَ إليَّ رسولُ الله فقالَ: مَا لَكِ يا عائشةُ بُهِتِّ قلتُ: جعَلَ جَبِيْنُكَ يَعْرَقُ وَجَعَلَ عَرَقُكَ يَتَوَلَّدُ نُوراً ولو رَآكَ أبو كبيرٍ الهُذَلِيُّ لَعَلِمَ أَنَّكَ أحقُّ بِشِعْرِهِ قالَ: وما يقولُ أبو كبيرٍ؟ قالتْ: قلتُ: يقول: وُمُبَرَّإٍ مِنْ كُلِّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ // وفَسَادِ مُرْضِعَةٍ ودَاءٍ مُغِيلِ فَإِذَا نَظَرْتَ إلَى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ// بَرَقَتْ كَبَرْقِ العَارِضِ المُتَهَلِّل قالتْ: فقامَ إليَّ النبيُّ وقَبَّلَ بينَ عَيْنَيَّ وقالَ: جَزَاكِ الله يا عائشةُ عَنِّي خيراً ما سُرِرْتِ مِنِّي كَسُرُورِي مِنْكِ} [20]ومما تمثلت به فاطمة يوم توفي أبوها قولها المشهور :
قَدْ كُنْت لِي جَبَلا أَلُوذُ بِظِلِّهِ فِي غَدْوَتِي وَصَبِيحَتِي وَمَسَائِيَا
وَالْيَوْمَ أَخْضَعُ لِلذَّلِيلِ وَأَتَّقِي مِنْهُ وَأَطْلُبُ حَاجَتِي مُتَرَاخِيَا
وَلَئِنْ بَكَتْ قُمْرِيَّةٌ إلْفًا لَهَا لَيْلا عَلَى فَنَنٍ بَكَيْت صَبَاحِيَا
مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَد أَنْ لا يَشَمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا صُبَّتْ عَلَى الأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا
وكما اسلفنا كان الكثير من الصحابة مبرزين فى مجال الشعر فمثلاً الإمام على فقد كان يقول الشعر وروائعه كثيرة ومعروفة وباقية إلى يومنا هذا وهى من الحكم العالية والمحكمة اللغة وكثيرا ما كان يستشهد بالشعر من قوله أو من لغيره وديوانه مشهور وقد أوردنا له الكثير فى الإستدلال فى كتابنا هذا
وكذا الإمام الشافعى وأمر ديوانه معروف وحكمه الشعرية قد إنتشرت وعمت واستشهد الناس بها شرقا وغربا ولو أوردنا أن نورد أقلَّ القليل مما تمثل به الصحابة في الأحداث والوقائع وكذلك التابعون وما قاله الصالحون من شعر الحكمة والمديح لاحتجنا مجلدات ولكنا أردنا أن نورد بياناً مختصراً فى مشروعية الإستدلال بالشعر من لدن عهد النبى وتوالى فى عهود الخلفاء والتابعين إلى يومنا هذا كما أحب أن أضيف أن تلك المعانى التى صاحبت شعر الحكمة كانت مبتدأ القصائد والأناشيد والمدائح فيما بعد لأن قالب الشعر أقرب للتاثير والإستظهار والإسترجاع ولذا استخدموه فى تعليم القواعد كألفية بن مالك وغيرها من أحكام تجويد القرآن والشعر يسير على اللسان وفيه باب للإشارة أو الإجمال والإبهام مما قد يحتاجه أصحاب المعانى والأحوال من الرجال من الرموز أو الأقفال
وبالطبع فنحن لا يمكننا أن نذكر أونوفى كل من استشهدنا بهم حقهم من التعريف لأن المقام ليس ذلك ولكن يجدر بنا الإشارة هنا أننا قد إستشهدنا فى الكثير من المواضع بشعر الحكمة للكثير من العارفين والصالحين والحكماء
[1] سنن الترمذي عن عائشة قال أبو عيسَى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ
[2] ( وأصل الشطرة: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً)، السيرة الحلبية.
[3] كنز العمال، ابن جرير عن أبى هريرة
[4] للبخاري في الأدب وللطبراني في الأوسط عن ابن عمروٍ ولأبي يعلى في مسنده عن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنهَا جامع المسانيد والمراسيل
[5] عن جابر بن سمرة ابن جرير للطبراني في الكبير
[6] الوافى بالوفيات السيرة الحلبية وزهور الإكم فى الأمثال والحكم.
[7] للبيهقي في السنن عن ابنِ عساكر عن جمعة بنت وابل بن مانيل بن عمر ودوسي عن أبِيهَا اسم الكتاب: جامع المسانيد والمراسيل
[8] لأبي يعلى في مسنده وابن جرير وللحاكم في مستدركه
[9] الجوهرة في نسب الرسول، وكثير فيره.
[10] عن أبي نوفل بن أبي عقرب رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، مجمع الزوائد
[11] الجذم: الأصل. والقحمة: هي الورطة والمهلكة، عن ابنة كعب بن مالك كنز العمال.
[12] مجمع الزوائد، عن عائشة
[13] ابن جرير للحاكم في مستدركه
[14]الأول: ابن جرير عن جرير الثانى: الخطيب وابن عساكر عن حسان ابن ثابت.
[15] عن كعب بن مالك، ابن جرير.
[16] كنز العمال،ابن جرير عن الأسود بن سريع
[17] المزهر في علوم اللغة وأنواعها، وأدب الإملاء والإستملاء، وفى لسان العرب على أنه حديث وليس بكذلك لأنه من كلام ابن عباس.
[18] عن الحسن، ابن السمعاني في الدلائل، كنز العمال.
[19] عن ابن عباس، كنز العمال
[20] سنن الكبرى للبيهقي، عن عائشة رضى الله عنها
يتبـــــــع إن شــــــــاء الله
| |
|
محمد الميانى عضو خبير
الجنس : العمر : 48 تاريخ التسجيل : 24/10/2011 عدد المساهمات : 209 الأوسمة :
| موضوع: رد: بشائر الفضل الإلهى فى العقيدة الأربعاء فبراير 08, 2012 10:18 pm | |
| البشرى الأولى وهى منبع البشريات بشرى "وبشِّر المؤمنين" وهذه البشرى الأولى وهى التى نبعت منها كل البشريات و أسميناها منبع البشريات لأنها البشرى التى أمر الله تعالى حبيبه فيها أن يبشرنا بفضل الله الكبير علينا فقضى عمره الشريف ولم يترك مناسبة فيها البشرى إلا وساقها لنا وعرفنا بها فحببنا فى الله وبشرنا بفضل الله بل ومن سعة فضل الله علينا أنه جعل تبشيرنا على يد حبيبه ومصطفاه ليس أمراً عارضاً مع كمال علمه سبحانه بحبِّه لنا وعطفه علينا بل جعلها وظيفة له يقوم بها بأمر الله ما استطاع لذلك سبيلا فصار تبشير رسول الله لنا من النعم التى أنعم الله علينا بها وأمر حبيبه فى أن يقوم بها للمؤمنين ويوالينا بها كل وقت وحين قال{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً}فكيف يتأتى لنا شكره أو يمكننا أن نجزيه ذرة مما تفضل به علينا وقدمه لنا فاللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وأجزه عنا خير ما جزيت نبياً أو رسولاً عن أمته ومن كل هذا الفضل العظيم الذى فوق التخصيص والتعميم والذى يتعدى حدود الخيال والمفاهيم أتت جميع البشريات من الله العلى العظيم ساقها لنا نبيه الرؤوف الرحيم ونذكر شيئاً من أقوال الصالحين فى البشرى فمنها قول أحدهم:
تبسم ثغر الكون عن لؤلؤ الرفد فبشر أخا الإسلام بالرفق والوعد آى القران جاءت بالذكر والرشد وأفراح إكرامات الربِّ ذي المجد ما نطق عن هوىٍ قد جاء بالسعد وبشريات تعالت عن العدِّ والحدِّ وقال الآخر مشجعاً الأمة على نشر البشرى وإبعاد شبح الخوف والترهيب واستمالة الخلق للإسلام وإعادة البهجة إلى أهله فقال:
تحيا القلوب بأخبار مبشرةٍ وتنطفىء لو سمتها خوفاً وإرهابا فبشّروا بكتابِ اللـه واجتمعوا مبشِّرين غلِّقوا للخوف أبوابا عسى تعيدوا للإسلامِ بهجتَه ويهنا كلُّ عبد من خوفه ذابا واتلوا من الذكر آيات مُفَرِّحَةً ياقومنا ابشروا إن الربَّ توَّابا وقال أحد الصالحين :
أسعد معنى كئيبا منك يا أملى حتى أفوز بلا كد ولا كسب فضلا تمن به من فيض عاطفة يا رحمة الله يا ذا المنهل العذب إنظر إلى مغرم في لوعة وضنىَ أسعده يا سيدي بالود والقرب أنت الرؤوف رحيم والغياث لمن ناداك متوسلا يرجو رضا الرب أحي مُواتي بنظرات تجملنى بحلة النسب العالي إلى الأب لي نسبة وذنوبي لست أحصوها ونسبتي لكمو يا سيدي حسبي يا نعمة الله لي أمل ولا عمل أرجوه إلا عميم العفو من ربي البشرى الثانية بشرى تكثير الحسنات وتقليل السيئات وتمعنوا فى بشرى الآية وفى سرها يا إخوانى تجدوا عجباً عجابا فإن الله لم يقل ثواباً ولا أجراً بل قال{فَضْلاً}وهناك فرق بين الثواب والأجر وبين الفضل فالثواب والأجر يكون على حسب الموازين الربانية التى جعلها الله ثواباً وأجراً على الأعمال الصالحة فى الحياة الدنيوية وقد أعطى الله هذه اللائحة للكرام الكاتبين ليسجلوا بها أعمال المؤمنين ويحسبوا عليها حسابات المتقين والعابدين والصالحين لكن الله إدخر لهذه الأمة فوق الثواب والأجر: "الفضل" والفضل من الله لا يعلم مداه إلا الله وأول بشريات موازين الفضل الربانية تلك هى بشرى قوله تعالى{إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً}فأولها أن لا يظلمنا مثقال ذرة من الخير عملناها مهما تناهت فى صغرها أو دقتها ولو كنت حتى لا تدرى ولا تحس لها بقيمة فهو يعلمها ويجزيك عنها{وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ السيدة عَائِشَةَ رضى الله عنها أَعْطَتْ سَائِلا حَبَّةَ عِنَبٍ فَأَخَذَ يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ اسْتِحْقَارًا لَهَا فَقَالَتْ لَهُ زَجْرًا: كَمْ فِي هَذِهِ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ}[1] فالله يحاسب الأمم السابقة كلها بالعدل أما أمة رسول الله فحسابها بالفضل ولذلك لا يستطيع أحد من السابقين أو اللاحقين أو الملائكة المقربين أن يعرف أو يطلع على عمل أقل رجل من المسلمين لأن عمله الذي تظنه حقيراً تجده عند الله عظيم{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} وتتوالى البشريات فى الآية وتأتى خصوصية أخرى فضلاً من الله لهذه الأمة وعناية{وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}وهذه غاية الأجر ضعفين{وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }وتلك زيادة فى الخصوصية للأمة المحمدية فضلاً من الله لأتباع حبيبه ولذا ورد من فضل الله علينا فى حديثه القدسي أنه قال{وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً}مع أنه همَّ بسوء وشرٍّ لكن كونه حبس أعضاءه عن فعلها فهو بذلك قد جاهد نفسه ونظير هذا الجهاد يعطيه الله عليه حسنة{وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله سَيِّئَةً وَاحِدَةً}[2] ويعفو الله لمن تاب وأناب ورجع إلى الله وذلك لأن الله يأمر الكرام الكاتبين إذا سجلوا السيئة ألا يسارعوا فى تثبيتها بل يكتبوها ويتركوا للعبد الذي فعلها فرصة لعله يرجع إلى الله ويتوب إلى الله فيأمرهم الله بمحوها إذ يقول{يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}وقوله{فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ }[3]وهذا كله فى ميدان الأجر والثواب الذى هو فوق العقل والحساب أما ميدان الفضل فلا تعلمه الملائكة إن كان الكرام الكاتبين أو أهل عالين أو أهل عليين ولا حتى أهل اللوح المحفوظ وإنما الأمر مفوض إلى رب العالمين وإليه يشير الحديث القدسى{كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَىٰ سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللّهُ : إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ} [4]فما هذه السبعمائة ضعف؟ وأين تبلغ ؟ إن الله لم يقل سبعمائة أمثالها فلو كان ذلك لفهمنا أنه سبعمائة حسنة ولكن قال سبعمائة ضعف فهل يضاعفها الله سبعمائة مرة أتدرون لو ضوعف شيىء سبعمائة مرة كما يبلغ إحسبوا يا أهل الحساب أى لو ضاعفت رقماً ثم ضاعفته ثانية ثم ثالثة؟ فإنك لو ضاعفت رقما عشر مرات لصار أكبر من أصله ما يزيد عن ألف مرة[5]ولو ضاعفته عشرين لصار أكثر من مليون مثل فكم تبلغ مائة مرة فقط وأين تصل السبعمائة إذاً بل والله فوق هذا وأعظم و أعلى هل يتذكر أحدكم قصة الحكيم الذى إخترع لعبة الشطرنج فأراد ملك الصين مكافأته فطلب الحكيم أن يعطيه الملك حبوباً من القمح بمضاعفات مربعات اللعبة وهى أربعة وستون فاغتاظ الملك أنه طلب طلباً حقيراً منه فلما أصرَّ لم يجد الخزنة فى المملكة أعداداً من الحبوب تكفى أن يضاعف الحبة الأولى أربعة وستين مرة فمن الذي يعرف مقدار قيمة هذا الفضل الكبير ؟ أو من يستطيع أن يعرف جزاء الصوم مثلاً ؟من يستطيع معرفة حدود تلك البشرى لا يستطيع أحد معرفته من الأولين والآخرين ولا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة ولا حتى المقربين وذلك لأن الله نسب الفضل لذاته ثم عظَّم الفضل فأين يبلغ ما عظم الله لا أحدُ يعرف أبدا قال فى سورة الجمعة{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } وقد قال الشيخ/ أحمد بن على بن مشرف : وصيح بكل العالمين فاحضروا وقيل قفوهم للحساب ليسئلوا فذلك يوم لا تحد كروبه بوصف فان الأمر أدهى و أهول يحاسب فيه المرء عن كل سعيه وكل يجازي بالذي كان يعمل وتوزن أعمال العباد جميعها وقد فاز من ميزان تقواه يثقل وفي الحسنات الأجر يلقى مضاعفاً وبالمثل تجزي السيئات وتعدل ولا يدرك الغفران من مات مشركاً وأعمالـه مردودةٌ ليس تقبل ويغفر غير الشرك ربي لمن يشاء وحسن الرجا والظن في اللَه أجمل وان جنان الخلد تبقى ومن بها مقيماً على طول المدى ليس يرحل أعدَّت لمن يخشى الإلـه ويتقي ومات على التوحيد فهو مهلل وينظر من فيها إلى وجه ربه بذا نطق الوحي المبين المنزل وقال أحد الصالحين فى دعائه لمولاه فى هذا الباب والرحاب:
بخضوع من فضله بإعتقاد إسأل الله ضارعاً يا فؤادي والرضا والجمال عين مرادي يا ملبي الداعي سألتك ربي لي تجل بواسع الإمداد باسمك الأعظم العلي تعالى من جمال العطا وخير الأيادي نجحن مقصدي أعني بودٍّ بجمال الوهاب والجواد أنت ربى وأنت حسبي تعطف أعطني فوق مقصدي ومرادي قابل التوب غافر الذنب ربي بجمال الحسنات هب لي رشادي بدلن كل سيآتي إلهي وبفضل الولي والإمداد جملن ظاهري بعز عزيز وبحب بكامل الإعتقاد جملن باطني بحق يقين وضياء الهدى لهم بالوداد واجعلني كنز الغنى للأحبا وصلاة على الحبيب الهادي نجح القصد أعطني السؤل ربي البشرى الثالثة: بشرى مضاعفة الأعمال بالنيات و بشريات إخلاص النيَّة وصلاح الطوية وهذه بشرى خاصة أسوقها لتتيقظ قلوبنا ولا يكون تسارعنا للعمل عند نصب أوكازيون العمل فى رمضان فقط فإذا انفضَّ سوق رمضان حدث التراخى والتكاسل عن عبادة الله وطاعته بعدها كما يحدث للكثير من أهل الإيمان هذه البشرى ليعلم الجميع أن أوكازيون المغفرة والرحمة الإلهية لا يغلق أبوابه بنهاية رمضان فإنهم لا يعلمون أن فضل الله الذى لا يعد ولا يحد مع المؤمنين فى كل وقت وحين كيف ذلك؟ إن الله جعل كل أعمال المؤمنين إذا سبقتها نية صالحة فيها إخلاص لربِّ العالمين وتابع فيها المرء النبى الأمين فى عمله وحركاته وسكناته لها أجر لا يعد ولا يحدّ يكفى أن نشير إلى بعض الآيات فى ذلك لتعلم يقيناً أن كل شئ تعمله إن كان لنفسك أو لزوجك أو لولدك أو لجيرانك أو لأقاربك أو فى عملك أو فى أى زمان ومكان سبقته نية صالحة وتابعت فى أداءه هدى الحبيب فهذا الأمر يقول فيه الله{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} تأكد واعلم علم اليقين أن عملك لن يضيع، فكيف يتعامل الله مع هذا العمل؟ بيَّن ذلك فقال كما اسلفنا وأوردنا آية النساء{وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً}وهنا أخبركم بسر عظيم وبشرى هائلة يا إخوانى الأحباب إنَّ أى حسنة ينالها المسلم يكرمه مولاه تعالى فيضاعفها أضعافاً مضاعفة إلى يوم القيامة تظل يضاعفها الله إلى يوم الدين إن شاء الله فتجد الحسنة القليلة جبالاً من الأجر والثواب رباها وغذاها وكبرها لك الله جل فى علاه كما أخبر{إنَّ اللَّهَ لَيُربِّي لاًّحَدِكُمُ التَّمْرَةَ وَاللُّقْمَةَ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ} [6] إذا جاهد المؤمن لتصحيح النيَّة - ولا يتم تصحيح النيَّة إلا بعد صفاء الطوية وتطهير القلب بالكلية لربِّ البرية ووضع الإخلاص فى كل عمل وفى كل قول وفى كل حركة وفى كل سكنة لمولاه - فتصبح أعماله وأقواله حتى ما كان ظاهره عملٌ دنيوى فله فيها أجر وثواب وقربة عند الله فالنيَّة قبل أى عمل كأن أنوى قبل الطعام مثلاً أن أتقوى به على طاعة الله أو يكون فيه شفاءٌ أو أتعرف فيه وأنظر فيه إلى عناية الله بى ورعايتها لى مثل قوله فى {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً}فإذا نوى الإنسان قبل طعامه فيكون وقت تناول الطعام عبادة لله وإذا فكَّر ليتعرف على نعمة الله عليه كما ذكرنا فى الطعام كان وقت الطعام فتحٌ عليه من علوم الإلهام لأنه سيفكر فى الآية وتأتيه العناية ويرزقه الله بأسرار من هذه الآية فيرى أسرار الله فى الطعام وهو يتناول هذا الطعام حتى النوم فلو نام الإنسان حتى ولو ليستجم فإنه ينوى بذلك التأهب والاستعداد للمداومة على طاعة الله لأن الله يعلم أنى لا أستطيع الدوام على حال واحد فدوام الحال لنا من المحال فتستجم الأعضاء حتى تستعيد النشاط فى طاعة الله وعبادة الله فيكون النوم هنا عبادة وهذا هو الذى يقول فيه سيدنا رسول الله{مَنْ نَامَ عَلَى تَسْبِيحٍ أَوْ تَكْبِيرٍ أَوْ تَهْلِيلٍ أَوْ تَحْمِيدٍ بُعِثَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ نَامَ عَلَى غَفْلَةٍ بُعِثَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَعَودُوا أَنْفُسَكُمْ الذكْرَ عِنْدَ الْنَّوْمِ {[7]فالنيَّة عليها المدار فلو نام وهو ينوى القيام لحزبه من القرآن أو الذكر أو الصلاة فغلبه النوم أو التعب فلم يقم بما نوى حصًّل الأجر بالنيَّة وانعقاد الطوية{مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَينه حَتَّى يصْبَحَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ} [8] لو صفَّى الإنسان القلب والجَنان فإن الله سيدبر له النوايا فى صفاء الطوايا فى كل حركة وسكنة لأننا عاجزون عن تدبير هذه النوايا لكن إذا صُفى القلب لله فإن الله يتولاه ويقذف فيه النوايا الطيبة التى ترفعه عند مولاه{إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ}{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} مبصرون للحقيقة التى يريدونها والتى يريدها الله منهم فالنوايا ليست بأن يجلس الإنسان يعدُّها أو يستحضرها ولكن النوايا تحتاج إلى صفاء القلب حتى لا يكون فيه رغبة إلا فى رضا مولاه يُكَسِّر صنم الشهرة فى نفسه ويكسِّر صنم الحظ فى طبعه ويكسِّر أصنام الآمال الكاسدة والفانية مثل تمنى العلو فى الأرض أو الشأن عند الخلق فيمحو كل ذلك ويعتمد على عكاز الصدق فهو الذى يوصله إلى مراد الله مع الصادقين فى كل أحوالهم وأفعالهم وأقوالهم{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} قال الأمير الصنعانى فى إخلاص النية وصلاح الطوية: ما بال أعمالك لا تقبل وما لميزانك لا يثقل أفق أفق قبل حلول الثرى غفلت عمن عنك لا يغفل أخلص لـه النية في كل ما تقول أو تترك أو تفعل وجانب الدنيا ولذاتها فإنها السم الذي يقتل كم هالك في حبها تالف يمشي عليها وهو لا يعقل جاوزتها خمسين عاماً فما ترجوه في العمر الذي يقبل إن كان أعمالك فيما مضى في كفة الميزان لا يثقل فما الذي ترجوه من بعد ذا ليس سوى من ستره مسبل رب البرايا من غدا فضلـه عن كل من أوجده يفضل يا رب في دار الفنا رحمة فهي لمن فيها غدت تشمل وقال أحد الصالحين فى بشرى مضاعفة الأعمال بالنية إذ هو فى مصر والحجيج بعرفات وبنيته يرجو الله أن يكرم معهم بواسع الإحسان:
قفي روحي يوم الحج وقفة ولهان ويا قلب فاضرع ثم للحنان أنا العبد أرجو الفضل والقرب والرضا إغاثة مضطر إجابة حيران بتوفيقك اللهم سارع من دُعُوا إلى البيت في شوق إلى الرحمن وها أنا في مصر وقلبي معلق بأستار بيت الله والأركان وفي (إنما الأعمال) صححت نيتي أيا رب أكرمني بواسع إحسان أيا رب هذي ليلة الوقفة التي بها وقف الأفراد كل زمان سألت أغثني يا إلهي ونجني من النفس والأعداء والشيطان أيا رب أولادي وكل أحبتي أيا رب جملنا بأنوار قرآن ووسع لنا الأرزاق يا رب واهدنا صراطك وامنحنا شهود عيان البشرى الرابعة باب الرزق فى السماء وهى بشرى الرزق من السماء وهى تلك البشرى التى بسرها خاطب الله تعالى أحبابه من أهل الإيمان كاشفا لهم الستر عن تلك البشارة العظيمة من بشريات الرحمن وهو أول ما ينشغل به بنو الإنسان فى هذه الأكوان ألا وهى من أين تأتيهم الأرزاق؟فبشرهم الله ورفع عنهم الهموم وقال لهم إياكم أن تكونوا فى الرزق الدنيوي كالأعداء فكل نظرهم طيني وإلى عالم الأرض دنى فقال لأحبابه{وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} أى اطلبوا الرزق من السماء كيف ذلك ؟أى اطلبوه بالسمو إلى الله والتقرب إلى الله واتباع شرع الله ومنهج حبيبه ومصطفاه من السعى الحلال فيمنحكم الله رضاه ويسخر لكم كل شئ فى هذه الحياة ألم تسمعوا قول الله{وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ}فيطلبون الأرزاق من الأبواب التى أباحها الخلاق فيكون فيها للعقول والأبدان الوفاق والإتفاق لأنها جاءت من أبواب إرتضاها المنعم الرزاق فإن عاكستهم الدنيا بصروفها وأنستهم الشدائد بشرى الله لهم بضمان أرزاقها وأبطأ عليهم فتح هذه الأبواب بالحلال حذرهم من فتحها بالمعاصى ذو الجلال فإن غفل الناس وضلوا وطلبوا الأرزاق بالمعاصى وزلُّوا وعن بشرى الله إلتفتوا أو كلُّوا تكالبت عليهم الهموم وتقاذفتهم الأنكاد والغموم ولم يصلوا لمرادهم ولم يزدادوا إلا شقاءاً وعناءاً بل وتقلبوا بما كسبوه فى نار البعد عن الله وصرفها فى الملاهى والمفاسد لأنهم جلبوها بإغضاب الله بالمعاصى وركوب كل دانى وقاصى وقد خاطب الله أهل الإيمان فى موضع آخر بعد أن بشرهم بضمان الرزق والأمان أن البشرى فى كتاب الله موجودة بين أيدينا والشفاء متحقق بإذن الله مما نكابد ونعانى فقال تعالى فى محكم الكتاب{ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}فالأمر مقسوم ومقدور ولم يبق علينا إلا السعى ليظهره الله إلى النور قال الفقيه أبو محمد بن الناظر: سمعت هاتفاً يقول لى فى نومى: نحن قسمنا الأرزاق بين الورى فأدِّب النفس ولا تعترض وسلِّم الأمر لأحكامنا فكل عبد رزقه قد فرض وقال الإمام الشافعى فى قصيدة له بعنوان : توكلت على الله:
تَوكلْتُ في رِزْقي عَلَى اللَّهِ خَالقي وَأَيْقَنْتُ أنَّ اللَّهَ لاَ شَكَّ رَازِقي وَمَا يَكُ مِنْ رِزْقِي فَلَيْسَ يَفوتُني وَلَو كَانَ في قَاع البَحَارِ الغَوامِقِ سَيأْتي بِهِ اللَّهُ العظيم بِفَضْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِني اللسَانُ بِنَاطِقِ فَفي أي شيءٍ تَذْهَبُ النَفْسُ حَسْرَةً وَقَدْ قَسَّمَ الرَّحْمَنُ رِزْقَ الْخَلاَئِق وقال ابو تمام الشاعر:
تَحُومُ على إِدراكِ ماقد كُفِيتَه وتُقْبِلُ بالآمالِ فيهِ وتُدْبِرُ ورِزْقُكَ لا يَعدوكَ إِمّا مُعَجَّلٌ على حالة يوماً وإِمّا مُؤَخَّرُ ولا حَوْلُ مَحْتال ولا وَجْهُ مَذْهَبٍ ولا قَدَرٌ يُزجيه إِلاَّ المُقَدرُ لقَدْ قَدَّرَ الأَرزاقَ منْ ليسَ عادِلاً عنِ العَدْلِ بينَ النَّاسٍ فيما يُقَدرُ
البشرى الخامسة بالإستغفار تجرى الخيرات أنهار ثم تأتى البشرى التى فيها حلول لكثير من مشكلاتنا كيف ذلك؟أليس كلنا مشغولٌ بالرزق وهمِّ الرزق؟من شغله همُّ الرزق لنفسه أو لولده أو بنته وكلَّت الحيل وضاقت السبل فأين هو من بشرى الإستغفار مفتاح الخيرات والإدرار وسرِّ منابع الإنهار وهطول الأمطار لزوم الاستغفار لقول الواحد الغفار {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً}وقول الحبيب المختار فى سر الإستغفار الذى يفتح الأبواب بالليل وبالنهار{مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرجاً وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً ورَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}[9] والأمر واضح للعيان ولا يحتاج للإكثار من الكلام و لا لتنويع البيان فليس بعد كلام الله الملك الحنان المنان وبيان المصطفى قول ولا بيان ولكننا نورد بعضاً من أقوال السادة الأئمة الأعلام من قول منظوم له مقام:
خليليَّ إنّي للشريعة حافظٌ ولكنْ لـها سرٌّ على عينه غطا فَمَنْ لزم الاستغفار واستعمل الذي قد ألزمه الرحمن لم يمشِ في عمى وسخَّر لـه كلَّ الوجودِ خلافة وفجَّر له الخيرات لا أين ولا متى وقال الآخر مشيراً إلى بشرى الايات الكريمة وبركات الإستغفار العظيمة:
إذا أحدنا لم يكسب معاشاً لنفسه شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا وصار على الأدنين كلاً وأوشكت صلات ذوي القربى لـه أن تنكرا فاستغفروا ربكم كما أمر ربنا يرسل السماء وجناتٍ وأنهرا وأموال وأولاد فى نوح ذكرها ووعد الحبيب من الخير أبحرا ومن الضيق مخرجا ومن الهم مفرجا ومن الرزاق أبوابٌ عزَّت فلا تحصرا فكيف ترضى بالدون وقد جعلة فى الإستغفار مخرجاً لمن كان معسرا وقال الشاعر المعروف جميل صدقي الزهاوي أكرمه الله:
قلت يا قَوم اِستَغفروا اللَه تنجوا إنه كانَ راحماً غفارا إنه يرسل السماء عليكم مثلما تَبتَغونها مدرارا إنه اللَه يجعل الأرض جنات وَيُجري من تحتها الأنهارا إِنَّه اللَه وحده خلق الناس من الأرض تحتهم أَطوارا إذا أردنا أن يرفع الله عنا عذاب الغلاء وعذاب الأمراض والوباء علينا بالإكثار من الاســتغفار والمداومة على ذلك ليل نهـار هيا بلا أعذار ولا انتظار [1]حاشية البيجرمي على الخطيب، إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين [2] صحيح مسلم عن ابن عباس. [3] صحيح مسلم عن ابن عباس. [4] صحيح مسلم عن أبي هريرة. [5] لأنك لو ضاعفت عدداً عشر مرات فقط لصار 1024 مثلاً ولوضاعفته عشرين مرة لصار 1048576 مثلاً، وإذا ضعفته ستون مرة لصار أكثر من مليون مليار ضعف بكثير ( أى واحد صحيح وعلى يمينه أكثر من ثمانية عشر صفراً)!!! [6] عن عائشة رواه ابن حبان في صحيحه [7] الدَّيلمي عن الْحكم بن عمير، جامع المسانيد والمراسيل. [8] سنن النسائي الكبرى عن أبي الدرداء. [9] رواه إبن عباس فى سنن أبى داوود ، وحلية الأولياء يتبــــــــع إن شـــــــــاء الله
| |
|
محمد الميانى عضو خبير
الجنس : العمر : 48 تاريخ التسجيل : 24/10/2011 عدد المساهمات : 209 الأوسمة :
| موضوع: رد: بشائر الفضل الإلهى فى العقيدة الخميس فبراير 09, 2012 10:33 pm | |
| [size=25] البشرى السادسة بالإستغفار تمحق الذنوب والأوزار
إن البشارة التى معنا هنا الآن هى بشارة تهفو إليها النفوس والأرواح ويهون دونها كل التعب والأتراح وهى أمل كل مؤمن فى كل آن وحال ألا وهى مغفرة العزيز المتعال وهى قوله تعالى لنا وبشارته لكل واحد فينا{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
فنحن جماعة المؤمنين لو نظرنا إلى إكرام الله لنا فى تلك الآية الكريمة وفى غيرها من كتابه المبين ما وسِعَنا إلا أن نخر لله ساجدين على عطاءه الذى تفضَّل به علينا أجمعين فقد خلق الله الملائكة وهم أعلى الأصناف فى الطاعات من نور الملكوت وخلق الجن من النار أما نحن فقد خلقنا وسوانا ونفخ فينا من روحه أعطانا أعزَّ ما عنده{وَرُوحٌ مِّنْهُ}جعل فينا روح من حضرته{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ}ووسع لنا سبحانه دائرة العفو الإلهى أيما وسعة ونوع وعدَّد أبواب الفضل الربانى وهنا عظمة البشرى ولكى نشم قليلاً من عبيرها
أعرض لكم مقارنة واحدة وقيسوا بفهمكم تدركوا تناهى بشرى ربكم وإحسان إلهكم فقد عبد إبليس الله ثنتان وسبعين ألف سنة لم يترك موضع أربع أصابع فى السموات السبع إلا وله فيه سجدة لله وأذنب ذنباً واحداً فقال له الله{قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً}أذنب ذنباً واحداً فطرد وبالمقت باء وأبعد إلى الأبد أما نحن فلما يقنطنا الله من رحمته بل تحنَّن لنا وساق بشرياته إلينا ومنته فهو يغفر لنا الذنوب جميعا وقال أحدهم فى ذلك أبياتٍ محكمة ورصينة: إبليس قد هوى لما عصى ربى بذنب واحدٍ أبى السجود لجدى وأنا عبدٌ ظلومٌ ملأت أرضى وبحرى بقراب الخطايا ويحى انتهى أمرى ناديتنى قل ياعبادى أثلجت صدرى يغفر الذنوب جميعا قد محت وزرى وهو الغفور الرحيم أكدت وصلى محقت آى الزمر كل بعدى وفصلى
ولكن هل هناك ما لا يغفر؟ قال الله: شئٌ واحد {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}فإذا أذنب العبد وأحس بوقع الذنب وقال يارب يقول له رب الوجود كما أخبرنا سيد كل مخلوق وموجود{يا ابنَ آدَمَ إنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً}
ناهيك بعد ذلك عن فضل المدوامة على الاستغفار فإذا كان الحبيب الذى حفظه الله من الذنوب والأوزار يتوب لله فى الليل والنهار مائة مرة ويقول{يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، كُلَّ يَوْمٍ، مِئَةَ مَرَّةٍ". فَقُلْت لَهُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ اثْنَتَانِ أَمْ وَاحِدَةٌ؟ فَقَالَ: هُوَ ذَاكَ، أَوْ نَحْوَ هَذَا} فما بالنا وكلنا أوزار نترك الإستغفار وهو بشرى حصن الحفظ من عذاب الجبار {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}وهنا نورد شيئا من أشعار الحكماء ونظم الصالحين أو الأولياء نروح به النفوس ونشوقها إلى رحمة وعفو وشفقة المليك القدوس قال الحكيم التلمساني المنداسي :
ربِّ إني ظلمت نَفسي وَنَفسي ظلمتني فصيرتني ذَليلا قد أتى فى القران قولك إلهى لا تقنطوا فجعلت أَرجى القبولا قولك الحق لست تخلف وعدا ولك الملك لا تزال مقيلا أَمن الروع لا تزال كَريما وَأَنا الغمر لا أزال بَخيلا وسأورد فى الإستغفار بعض الأبيات من قصيدة شهيرة من مائة بيت للشيخ/ عبد الغنى النابلسى وله دواوين من قصائد مئوية عديدة قال فى قصيدة أسماها أستغفر الله من سرى ومن علنى: أَستَغفِرُ اللَهَ مِن سَرّي وَمِن عَلَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن نَفسي وَمِن بَدَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن روحي الَّتي نُفِخَت عَن أَمرِ خالِقِها في جِسمي الوَهنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِن عَقلي إِذا اِختَلَفَت بِهِ المَعاني وَمِن فَهمي وَمِن فِطَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن فِكري وَما سَرَحَت خَواطِري فيهِ مِن بادٍ وَمُكتَمَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا يَقظَتي كَسَبَت وَما عَلَيَّ جَرى في النَومِ وَالوَسَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا باشَرَتهُ يَدي مِن كُلَّ شَيءٍ قَبيحِ الفِعلِ أَو حُسنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِن رِجلي وَما بَطَشَت في الخَيرِ وَالشَرُّ تُدَنّيني وَتُبعِدُني أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا قَد رَأى بَصَري في طولِ عُمري وَمَمّا قَد وَعَت أُذُني أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا قَد نَطَقَت بِهِ مِن كُلِّ لَفظٍ شَريفٍ في الوَرى وَدَنى أَستَغفِرُ اللَهَ مِن كَفّي وَما وَضَعَت عَلَيهِ مِن ناعِمٍ في اللَمسِ أَوخَشِنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا قَد شَمَمتُ لَهُ مِن الرَوائِحِ في الخَضراءِ وَالدِمَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مَمّا ذُقتُهُ بِفَمي مِمّا أَراهُ كَريهاً أَو أَراهُ هَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن سَخَطي وَمِن غَضَبي وَمِن رِضايَ وَإِشفاقي وَمِن جُبني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن ضيقي وَمِن سِعَتي وَمِن هَزالي وَمِن سَقَمي وَمِن سَمَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن قَولي بِلى وَنَعَم وَلا وَكَيفَ وَيا لَيتي وَهَل وَمِنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِن هَذا لِما وَبِما قَد كانَ هَذا الأَمرُ بِالخَفا قَمَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا قَد دَرَيتُ وَما لَم أَدرِ مِن خَبَرٍ في الناسِ يَعجِبُني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن كُلِّ المَقاصِدِ في دَهري وَمِن أَمَلٍ في الصَدرِ مُحتَقِنِ أَستَغفِرُ اللَهَ ما كانَ في عَمَلي وَما هَممَتُ بِهِ مِنهُ وَلَم يَكُن أَستَغفِرُ اللَهَ مِن كُلِّ الذُنوبِ وَمِن كُلِّ البَلايا وَكُلِّ الشَرِّ وَالفِتَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِن دَمعٍ بَكَيتُ بِهِ وَمِن دَمٍ كانَ مِنّي سائِلاً وَمِنّي أَستَغفِرُ اللَهَ مِن صَبري وَمِن جَزعي وَمِن غَرامي وَمِن شَوقي وَمِن شَجَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن سَهلٍ عَلَيَّ وَمِن صَعبٍ وَمِن فَرَحٍ عِندي وَمِن حَزَنِ
البشرى السابعة التقوى هى مفتاح الرزق الأقوى لما أصبح الناس فى مجتمعنا يشكون مر الشكوى من ضيق الأرزاق وسوء الأخلاق وإنتشار الشقاق والنفاق، فلا قليل يفى ولا كثير يغنى! والغلاء الذى استشرى والأمر من شدة إلى أشد ما العـلاج؟ وأين سبيل النجاة والشفاء؟ العلاج فى آيات فى كتاب الله فيها البشرى والشفاء والنجاة والدواء قال تعالى{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}وقال الرجل الحكيم مبينا فضل التقوى: ألا إنما التقوى باب الرزق و الفخر وترك التقى باب الذل والفقر وليس على عبد تقي نقيصة إذا صحت تقواه فى الجهر والسر ولكننا كأننا نسينا بشرى الله لنا وأخذنا نبحث فى الدنيا حيارى كأعداء الله وقد جعل للخلق طريقين للأرزاق إما طريق أهل الكفر والشرك والجحود والشقاق فهو طريق الكدح والسعي فى الأسباب التى خلقها الله بلا نظر ولا إعتبار لأمر آخر وأما الطريق الثانى فهو طريق أهل الأيمان والتقوى وهو الوارد فى هذه البشرى وشرط نوالها والتمتع بنورها وسرها هو التقوى
فإن أهل الإيمان وإن كان لزاما عليهم الأخذ بالأسباب التى خلقها الله إلا أنه تفضَّل عليهم وزادهم من جوده وكرمه وجعل أرزاقهم ليست وقفا على الأسباب وحسب كما عامل أهل الكفر والجحود وإنما جعل طريقـاً للمتقـين وسبيلاً للمؤمنين من وراء الأسباب وهو سبيل البركة التى يفتح الله كنزها من وراء الأسباب فهو يرزقهم بغير حساب الأسباب وأكد ذلك فى الآيات البينات الأخرى التى ساق فيها الأمل والبشرى{إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
فإذا قمنا بالشرط الوارد فى تلك البشرى رزقنا الله بغير حساب وكنا من المتقين الذين ذكرهم الله فى الكتاب؟
فمفتاح التقوى هو السبب الأقوى وتقوى الله أى مراقبة الله والتقى لا يغش فى كيل ولا ميزان ولا ينصب ولا يخدع أحداً من الناس فى أى شأن ولا يكذب ولا يفعل شيئاً يغضب الرحمن ولا يعمل عملاً نهاه عنه النبى العدنان وإنما يصنع الخير الذى أمره الله فى كل وقت وآن و يتحرَّى الصدق فى كل حال وزمان ومكان مع الله ومع جميع خلق الله فى الأكوان وقد ورد فى الأثر الذى أثلج الله به صدور أهل الإيمان من البشر أن الله خاطب عباده فقال فى الخبر{يا بن آدم لا تخش من ضيق الرزق وخزائني ملآنة وخزائني لا تنفذ أبداً يا بن آدم لا تطلب غيري وأنا لك فإن طلبتني وجدتني وإن فتني فتك وفاتك الخير يا بن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب وقسمت لك رزقك فلا تتعب} فإن خاف الله واتقاه فتح الله له باب رزق خفى من عند مولاه فكان رزقه بلا حساب وبارك له فيه فكفاه حتى يعجب الخلق من رزق الله لأهل العقل القليل وذو النهى عاجزون ولذا قال القائل فى الرزق يسوقه الله بغير حساب من وراء الإحتساب: لو كانت الأرزاق مقسومةً بقدر ما يستوجب العبد لكان من يُخْدَمُ مستخدماًّ وغاب نحسٌ وبدا سعد لكنها تجري على سمتها كما يريد الواحد الفرد وكم من أمثلة ساقها الله فى كتابه للرزق من غير حساب كما حدث مع أم السيدة مريم عليها السلام وقد ضرب لنا مثلين فى قصتها وأوردهما باختصار شديد: أما المثل الأول فكانت أمها عاقراً لا تنجب وذات يوم رأت طائراً أعمى فى عش على شجرة ورزقه الله بطائر مبصر يحضر الطعام ثم يضع منقاره فى منقاره حتي ينزل له الطعام فإذا تأكد أنه شبع من الطعام ذهب وملأ فمه بالماء وجاء ووضع منقاره فى منقاره ليشرب منه الماء وهنالك وعندما رأت ذلك أمامها علمت أن لله قدره لا يعجزها فى الأرض ولا فى السموات شئ فدعت الله وقالت كما قال الله>فلم تذهب إلى طبيب ولم يكن فى عصرها أطفال أنابيب ولكنها دعت الحبيب المجيب فاستجاب الله لها وأصلح أدواتها وأجهزتها وأهَّلها وأخرج منها مريم بقدرة من لا يسأل عما يفعل فهذا المثل الأول للرزق بغير حساب
ثم قصة سيدنا زكريا عليه السلام وهى أن زوج أم مريم بعد حملها هو هارون -وهو غير أخى موسى وإنما شبيهٌ فى الإسم- قد توفى فلما وضعتها أنثى وكانت قد نذرت لله إن جاء ذكراً أن تجعله خادماً لله فى بيت المقدس، ولذلك أسمتها مريم أى العابدة فذهبت إلى الكهنة تطلب من يكفلها فأقرعوا فأصابت القرعة زوج خالتها زكريا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فكفلها وتعهدها بالرعاية حتى كبرت وعلمها كيف تعبد الله وجعل لها خلوة فى بيت المقدس تفرغت فيها لطاعة الله وكانت الخلوة مكاناً مرتفعاً لا يبلغه إلا بسلم يضعه وقت صعوده فقط ومعه مفتاح واحد وذات مرة ذهب إليها وفتح فوجد رزقاً ساقه الله من وراء الأسباب فاكهة فى غير أوانها ولا احتساب فعلم أنها قد وصلت إلى التقي الذى إذا وصل إليه عبد تولاه مولاه ورزقه من وراء الأسباب بغير حساب وعندها ماذا فعل؟سأل الله الذرية الصالحة على الفور فاستجاب له ذو العزة والجلال فى التو والحال وهذا هو المثال الثانى على الررزق بغير حساب من لدن المعطى الوهاب
والأمثلة لا تنتهى وقال أبو تمام الشاعر المعروف فى قصيدته التى ذهبت أبياتها أمثالاً: ينال الفتى من عيشه وهو جاهلُ ويكدي الفتى في دهره وهو عالمُ ولو كانت الأرزاق تجري على الحجا هلكنَ إذاً من جهلـهنَّ البهائمُ فلم يجتمع شرقٌ وغربٌ لقاصدٍى ولا المجدُ في كف امرئ والدراهمُ ولم أرَ كالمعروف تدعى حقوقه مغارم في الأقوام وهي مغانمُ
البشرى الثامنة السعى فى طلب الأرزاق باب فتح الرزَّاق وهذه البشرى العظيمة بها حفظ ناموس الحياة وقوانينها وهى السر الذى يرزق الله به كل من قام للدنيا بحسب شئونها وطبق نظامها وببركتها لا يدع الدين مجالاً لأتباعه أن يكسلوا أو يتقاعسوا فقد بشر الله كل من أراد أن يأكل من رزقه أو فضله فقال}{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}وقال النبى موجها أصحابه وأحبابه إلى طلب الأرزاق والسعى إليها{الْتَمِسُوا الرزْقَ فِي خَبَايَا الأَرْضِ} وأمرهم بالسعى مبكراً فى طلب الأرزاق والسعى على المعاش فقال{إذا صليتم الفجر فلا تناموا عن طلب أرزاقكم}فهذه البشرى هى التى تدفع كل مسلم للأخذ بالأسباب التى سنها الله فى الوجود وإلا سنجد فى المسلمين من يجلس ويقول رزقى سيأتينى كما يأتينى أجلى وتتعطل الحياة ويخلد الناس للكسل
ولكننا نأخذ بالأسباب وعيننا على خالقها فأنا أشرب الدواء وأعلم علم اليقين أن تأثيره ليس ممن صنعه؟ أو كتبه؟ ولكن من الذي وضع فيه التأثير وخلقه ثم حركه فى داخلى وأذن بالشفاء، هو الله فهذه البشرى الرائعة من الأهمية بمكان إذ أخطأ الكثير منا فولجوا باب الدعاء تخفق قلوبهم بالرجاء يدعون بالليل و النهار ولكن لا يأخذون بالأسباب التي أمر بها الله عندما أمرنا أن نمشى فى مناكبها أى أعاليها كالجبال فاصعدوا القمم بحثـاً عن أرزاق الواحد المتعال مع الدعاء لحضرته لتفعل الأسباب
وانظروا إلى عمر إذ رأى شباباً أشداء يعمرون المسجد ويدعـون فسألهم من أين تأكلون؟ فسكتوا فقال{لا يَقْعُدْ أحدُكمِ عن طَلب الرِّزق ويقول: اللهم ارزُقْني وقد عَلِم أن السَّماءَ لا تُمْطِرُ ذَهَباً ولا فِضة وإنّ الله تعالى إنما يَرْزق الناسَ بعضهم من بعض}وضربهم بدرته وأخرجهم من المسجد ليلتمسوا الأرزاق فالبشرى العظيمة هى فى المنهج القويم والطريق المستقيم لمن أراد أن يمشى على شرع العزيز الحكيم ويحظى فى الدنيا بكل العزة وتكريم أن يمشى كما أمر الله فيأخذ بالأسباب التي أمر بها مولاه ويبذل فيها جهده ولا يدخر وسعاً فيها ويستعين على ذلك بطاعة الله والدعاء لله قال الرجل الصالح رضى الله عنه وأرضاه فى شعر الحكمة: توكل على الرحمن في الأمر كلـه ولا ترغبن في العجز يوماً عن الطلب ألم تر أن اللـه قال لمريم وهزي إليك الجذع يساقط الرطب ولو شاء أن تجنيه من غير هزِّه جنته ولكن كل رزق لـه سبب واستمع لقول إبن أبى الصلت فى حكمة السعى على المعاش بيقين: لا تقعدن بكسر البيت مكتئبا يفنى زمانك بين اليأس والأمل واحتل لنفسك في شيء تعيش به فإن أكثر عيش الناس بالعمل ولا تقل إن رزقي سوف يدركني وإن قعدت فليس الرزق كالأجل
وقالوا زوَّج العجز التوانى والكسل فانتجا الحرمان وفقدان الأمل قال أبو المعافى: كأن التكاسل أنكح العجز بنته وساق إليها حين زفت له مهرا فراشاً وطيئاً ثم قال لـه اتكي رويدكما حتماً أن تلدا الفقرا وقال أحد الحكماء فى سر العمل ويشير إلى الأمر بظاهره وباطنه : العلم يهتف بالعمل فاعمل تنل كل الأمل بالعلم يخشى الله من كل عليم قد وصل العلم كشف الحجب من سر الحقائق في الأزل علم يقين بعده عين اليقين بلا وجل من بعده حق جلي حق اليقين لمن عقل
البشرى التاسعة بشرى البركة ولكى نفهم المقصود من تلك البشرى فإننى أقول أننا نقع فى اللبس فى الفارق بين ما صرفه الله لنا من الرزق المسطور وما نريد أن نصرفه من المال المنظور كيف؟لأننا قد نسينا أن الذى يرضى بما قدّره له الله يأتيه دعمٌ من مولاه ما إسمه؟اسمه البركة نعم إسمه البركة وماالبركة
عندما تأتى البركة فى القليل تقوم مقام الكثير من أين هذا ؟ فى كتاب الله وفى سنة حبيب الله؟{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}لم يقل فتحنا لهم خيرات فالخيرات كما هى لكن يضع فيها البركة أهذا واضح؟خذوا أمثلة وهى أكثر من أن تعد أو تحصى:
إذا كان الأكل فى البيت يكفى إثنين يجعله يكفى عشرة ويزيد طالما فيه البركة وإذا كان الجلباب أو الحُلّة تبلى كل سنة فبالبركة تمكث السنين ولا تبلى ومن يراها يقول مبروك على الثوب الجديد لماذا؟لأن فيها بركة الله ومن عجيب بشرى البركة وهذه تستدعى صفاء الذهن لكى نستوعبها قول الحكيم{من العصمة ألا تجد}فكم زيادةٌ فى الرزق فتحت على العبد باب وسعة دخل منها على عصيان الله فأكلت منه الأخضر واليابس وفتحت عليه وعلى بيته أبواب شهوات ورغبات لا يطيقونها وقد عصموا منها أولاً بفقدان الوسعة
وكلكم يعرف قصة الذى نصحه النبى لما طلب الدعاء له بالزيادة : أن قليل تشكر خير من كثير لا تطيق فلم يسمع وأصرَّ فدعا له فزاد ماله ونما وزاد جشعه حتى قال عن الزكاة لما سئل دفعها: إن هى إلا أخت الجزية فأعقبه الله نفاقا فى قلبه إلى يوم لقياه إذاً أفلم يكن الفقد أو ضيق ذات اليد التى كان فيها أولاً له بركة ومنة عليه
ومن البركة حجز الأمراض وإبعاد الأعراض فربما أتاك من المال الألاف ومعه مرض بعشرات الألاف فتصير أفقر أفلم يكن المنع أغنى وأبرك وربما فتح لك المال مصاريع المشاريع فوقعت فى أرضها قتيلاً أو صريع فقد المسلمون البركة الآن فأطلقوا أيديهم ليحصلوا مرادهم لمَ؟ لأن ليست معهم بشرى آية سورة الطلاق من قول الله{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }
بماذا أو كيف؟هذه هى البركة هل فهمنا هذه البشرى؟كيف تأتى وما أثرها؟إذا فهمنا ذلك أجيبونى إذاً من أغنى الناس؟
من رضى بما قدّره الله له من الحلال وسارع فى طاعة ذى الجلال فأتته البركة التى تُحيّر الناس كلها فى شأنه وهذه معجزة الإسلام المستمرة إلى يوم الدين هؤلاء أغنى الناس ومن عيون أسرار بشرى البركة استجابة الدعاء فيكون الشيىء قليلاً فتدعو الله فيستجيب لك فيكفى القليل أو تنزل النازلة وليس عندك طاقة لصدها ولا لصرفها فتدعو فتكشف وتفوز بالأجر والنجاة معها هدية تجد الناس فى المجتمع دخلهم قليل ولكنهم يعيشون أفضل من أناس دخلهم كثير بل وهم من الجماعة الذين يدخلون الجنة بغير حساب
فالذى يراقب الله و يتحرى الحلال فى مطعمه ومشربه ولا يستزيد مما يغضب الله فهو ولى من أولياء الله لأنه من أهل الإستجابة وحلت عليه وفيه البركه سيدنا سعد سأل رسول الله قال : يا رسول الله كيف أكون مستجاب الدعوة ؟ ماذا أفعل ؟ لم يُعطه كماً من العبادات فى الليل أو الصيام فى الحر أو كماً يتلوه من القرآن؟ لا هذا ولا ذاك بل قال له قولاً مباشراَ{يَا سَعْدُ أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ } شرط واحد كُلْ حلالاً تكن دعوتك مستجابة هل نريد أكثر من ذلك لحل مشكلاتك وصلاح زوجك وأولادك والبركة فى بيتك وولدك ومالك لا أظن قال الإمام على كرم الله وجهه ورضى عنه: لاَ تَخْضَعَنَّ لِمَخْلَوقٍ عَلى طَمَعٍ فَإِنَّ ذَلِكَ وَهْنٌ مِنْكَ في الدِّيْنِ واسْتَرْزِقِ اللَّهَ مِمَّا في خزائِنِهِ فَإِنَّما الأَمْرُ بَيْنَ الكافِ والنُّونِ إِنَّ الَّذي أَنْتَ تَرْجوهُ وَتَأْمُلُهُ مِنَ البَرِيَّةِ مِسْكِيْنُ ابْنِ مِسْكِيْنِ ما أَحْسَنَ الجُوْدَ في الدُّنُيا وفي الدِّينِ وأَقْبَحَ البُخْلَ فِيْمَنْ صِيْغَ مِنْ طِيْنِ ما أَحْسَنَ الدِّيْنَ والدُّنْيا إذا اجْتَمَعَا لا بَارَكَ اللِه في دُنْيا بِلا دِيْنِ لو كان باللُّبّ يَزْدادُ اللَّبِيْبُ غِنًى لَكانَ كُلُّ لَبيبٍ مِثْلَ قارُونِ لَكِنَّما الرِّزْقُ بالميزانِ مِنْ حِكَمٍ يِعُطَى اللَّبِيْبُ وَيُعْطَى كُلُّ مأْفُونِ [1] سنن الترمذى عن أنس [2] عَنْ أَبِي بُرْدَةَ أخرجه أحمد: المسند الجامع [3] ورد فى المستطرف في كل فن مستظرف للأبشيهي [4] للدارقطني في السنن وفي الأَفراد وللبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة (ابن عساكر ) عن عبد اللَّه بن أبي ربيعة [5] للطبراني في الكبير عن ابن عباس كنز العمال [6] رواه الطبراني فى الصغير عن ابن عباس. [7] رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان والحسن لم يسمع من أبي هريرة، ورواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما من حديث واثلة عن أبي هريرة الترغيب والترهيب [8]وروى ابن ماجه عن ثوبان قال ورواته ثقات
يتبـــــــــع إن شــــــــــاء الله
[/size] | |
|
محمد الميانى عضو خبير
الجنس : العمر : 48 تاريخ التسجيل : 24/10/2011 عدد المساهمات : 209 الأوسمة :
| موضوع: رد: بشائر الفضل الإلهى فى العقيدة الجمعة فبراير 10, 2012 11:07 pm | |
| | |
|